عبدالرحيم أبو راغب
ديوان الشعراء
حسبي من الشعر
حسبي من الشِّعر ميراثٌ من الألم
حسبي بأنَّه عِشقٌ نازفٌ بدم
يامحنة القول دون الفعل ملحمة
يا دورة القهر والإيــلام والغُمَم
يا ويح شِعرٍ غَويٍّ يُسْتَطاب هوى
ببوح خاطرةٍ سَكْرى ولغْوُ فــم
ويا "حشيش" المُنى حتَّام تخدعني
أدمنتُ قعرك في سَعْيي الى القِمم
عذَّبْتَ روحي برغم البؤس تُلهمني
متى التجلِّي متى يصفو أسى القلم
صنوان نحن و ذات الكأس نجرعها
نجدِّدُ الحزن نُسْكًا مقتضى قِيَم
أننْتشِي بجراحٍ من مُدَىٰ شغفٍ
نمشي حُفاةً على النيران بالقدم
كم إحْترقنا معًا ياويل حُرقتنا
مثل الفراشاتِ ندنو من لظى ضرم
تُرى أمِنْ خَدرٍ تَهْذي قصائدنا
فنرتمي بعده في غفلة الحُلُم
لقد فتحنا المَدى من دون معركة
حتى وصلنا تُخوم الوهم والعدم
فلا البلاغة هبَّتْ نحو نجدتنا
ولا الكِنايةُ أخفَتْ سِرَّ مُكتَتِم
وما بلغــنا مقاديرا لغاياتـــنا
تجرَّد الزَّهو مَسلوبًا من العِظَم
فهل غُوِينا بسحرِ "الإنتظار" سُدى
تمضي القوافل لا نحظى سوى القَتَم
رُمْنا الأماني لأجل الجاه مفخرة
فأيُ منـــــــزلةٍ شاءتْ لمُـخْتَتَم
ما كنتُ من صفوة الشُّجعان فارسهم
أو كُنتَ نِبراسَه في خيبةِ الظُّلم
قلَّدتُ دورَ بطــــــولاتٍ كما بطل
فكنتَ "سيفي" أراني مثل "مُعتصم"
لقد هُزِمْنا مِرارا مبتغى ظفرٍ
عدنا وما العَوْد يُعْلي قيمةَ الكَلِم
واخيبتاهُ من الراياتِ قد سقطتْ
لكنَّنا لم نزل نغدو بلا علم
نذرتُ نذري لربِّ الشِّعر قافية
فاستيأس الشِّعر من عزم ومن هِمَم
فهل كفرنا بإيمانٍ سرى عبثًا
وقد عبدنا الهوى صرحًا كذي صنم
تبًّا لـ"بيت قصيد" يحتفي أملًا
يستأنسُ اللَّفظ بالأبيات والنُّظُم
قد شذَّ في زمن الأوغاد مَنْطِقه
رغمًا على غِلظة "الأحلاف" والقسَم
آهٍ أيا «وطني» خُذْني إليك جوىً
إنِّي سقيمٌ فمن يُشفي بَلَا سَقم
خُذني إلى زمن الأحرار أكتبه
قصيدةَ العزِّ بعد الذلِّ والوصَم
عبدالرحيم أبو راغب