ابراهيم محمد عبده داديه- اليمن
~~~~~~~~~~~~~
لَمَّا رأيتُ البدرَ شعَّ وأنورا
عندَ اكتمالَ جمالِه وتصَّدرا
نورٌ تﻷﻷَ في السَّماء بحُسنِه
فإذا الدُّجى للعالمِين تبخَّرا
ذُهِل الفؤادُ من البهاءِ تعجباً
وغدى اللسانُ مسبِّحا ومُكبرا
وإذا المَشاعِر بِي تُهيِّج أدمُعي
سُبحَانَ من خلقَ الجمَال وصوَّرا
القلبُ يأسِرُهُ الوجودُ بِحسنه
والعينُ يُذهلُها البهاء لِما ترَى
والليلُ أضحَى بالضِياء مُكَللاً
وهُدوء كل الكَون قد لَفَّ الوَرى
والرُّوحُ تسبَح في السماءِ طليقةً
والعقلُ في خلقِ الوجودِ تفَكرا
والوجدُ واﻹحساسُ فاضَ تأمُلاً
فغدوتُ مُندهِشاً بِه مُتحيرا
جلَّ الذي خلقَ الوجودَ بروعةٍ
كَم زيَّنَ الكونَ البدِيعَ ودبَّرا
دارَت بهِ اﻷفلاكُ دونَ توقفٍ
في حسبةٍ فيها النظامُ تقررا
تجرِى الكواكبُ والنجومُ بدقةٍ
موزُونةٍ وتُضيء أرجَاءَ الثرَى
وبحِكمةٍ في الكونِ يجرِي لُطفَه
ولأَمرِهِ الملكوتُ ذل مُسخرا
بُنيت به نُظمُ السماءِ بقدرةٍ
في مُلكِه اﻹبداعُ دلَّ وسطَّرا
شمَلت جميعَ الكائنَات برحمةٍ
نعمُ ولاَ عدٌ لها قد قدَّرا
أفضالُه في الكونِ ليسَ يعُدُُّها
أحدٌ وإن أفنَى الحِسابَ وكثَّرا
يامن تعيشُ العُمر هذا غافِلاً
الله جلَّ جلالهُ قد أنذَرا
قف للتأمُلِ في السَّماء دقيقةً
واترُك لعقلِك أن يقولَ مُفسرا
سترَى بقلبِك صنعَ خالقِك الذي
خلقَ الوجودَ وكل أمرٍ قُدِّرا
إنَّ الحياةَ جميلةٌ لِمن اتَّقى
ولِربه يسعَى وفِيه تصبَّرا
ولهُ جنانُ الخُلدِ بعد مَماته
فِيها يعِيشُ مُنعَماً مُستبشِرا
والعيشُ في الدُنيا عناءٌ لِلذي
يحيَا عنيداً جاحداً مُتكبِّرا
يصلَى العذابَ بِجرم سوءَ فعالِه
والى الجحِيم جزاءَ ما قد قصَّرا
ياربُ حُبكَ في الفؤادِ ومُهجتي
وبكل أورِدتي وجسمِي قد سرَى
ياعَالِم اﻷسرارِ مهما أُخفيت
أنتَ العليمُ بكلِ شيء قد جرَى
تدرِي بما تُخفِى الضمائرُ كلِها
وبِما خفَى فِي العالمين وأُظهِرا
يا مالكَ الملكوتِ جئتُك تائباً
عبداً ذليلاً نادِماً مُتحسِرا
طَوعاً أتيتُكَ والدمُوعُ غزيرةٌ
والقلبُ من ألمِ الذُنوب تكَدَّرا
فاغفِر لعبدٍ تابَ يرجُو رحمةً
ليكونَ بين العالَمين مُبشِرا
واجعَل رضاكَ هُو الرفيقُ لدربِه
لينالَ في الدارينِ ما يتَخيَّرا
ثمَّ الصلاةُ على الحبِيب وآلهِ
خيرُ البرِيَّة ( أحمدٌ ) خيرَ الورَى